ماركوس بوش: نيوزغيمز تجعل الجمهور يلعب مع الأخبار
من رسوم كاريكاتورية سياسية إلى محاكاة لمقتل أسامة بن لادن: تستخدم وسائل الإعلام “نيوزغيمز” (newsgames) لإشراك الجمهور في الأحداث المهمة بشكل لعوب. وبمعنى آخر، نيوزغيمز هي ألعاب صُممت لكي تُستخدم في سياق صحافي.
“لن تحل نيوزغيمز محل النهج الكلاسيكي للأخبار، لكن بإمكانها تعزيز ودعم الصحافة الرقمية في القرن الحادي والعشرين“، حسبما يقول ماركوس بوش.
أشرف المدرّب الصحافي المستقل على العديد من ورشات العمل لأكاديمية دويتشه فيله، كما أنه ساهم في تأسيس ستديو الألعاب “غود إفيل” (The Good Evil).
زميلتنا في أكاديمية دويتشه فيله ناتاليا كارباسوفا تحدثت إلى ماركوس بوش حول الفكرة الكامنة وراء “نيوزغيمز“، وأفضل التطبيقات العملية، ومستقبل نيوزغيمز.
كيف يمكن لنيوزغيمز أن تكون مفيدة لوسائل الإعلام المتعددة؟
بإمكان نيوزغيمز توفير تجارب لعوبة وتفاعلية تساعد على تفسير أو توضيح أو دعم الحجج الصحافية، سواء كانت عن طريق محاكاة لقضايا علمية معقدة، أو نسخة لعوبة عن ميزانية الدخل القومي، أو تعليق سياسي تفاعلي. الألعاب أسلوب قوي جداً لتوضيح الأنظمة، بينما تعد الطرق التقليدية لإعداد التقارير جيدة جداً لرواية القصص. هناك ميزة أخرى مهمة جداً، وهي أن الألعاب تفاعلية حقاً. وعندما يتعلق الأمر بالتفاعلية، فإن قوتها الفريدة تظهر عند مقارنتها مع ما يسمى “ويب دوكس“. الألعاب الجيدة تقوم على إشراك اللاعبين وتملأ وقت فراغهم وتجعلهم يتعلمون شيئاً.
هل يجب أن يكون تصميم نيوزغيمز مشابهاً لألعاب الفيديو؟
كنت أنتقد بشدة جميع الأمثلة الموجودة التي شاهدتها، إلى أن سمعت وجهة نظر مصمم الألعاب (إريك تسيمرمان) في مهرجان “ألعاب للتغيير” لهذا العام. برر تسيمرمان بأننا لا نتطلع إلى إحداث التأثيرات العالمية ذاتها التي أحدثتها الأفلام الوثائقية أو الكتب، ونحن لا نناقش ميزة الكتب أو جدارتها كأدوات تعليمية. وقد برر ذلك بأن ألعاب الفيديو لا تستوجب هذا النوع من التدقيق، وتحميلها لهذه المعايير العالية، كأن نقول: “ينبغي على الأطباء المتدربين علاج مرض السرطان من خلال المحاكاة الطبية“. ولقد أقنعني فعلاً. وهذا النوع لا يزال قيد التطوير، وأنا أحيي كل محاولة تعمل على دفع التطور إلى الأمام.
أين يمكنك أن تتعلم المزيد حول نيوزغيمز؟
قائمة فلوران موران هي نقطة انطلاق جيدة، ولكن بغض النظر عن ذلك، أنا أفضل ألعاب توماس رولينغ. غونزالو فراسكا الذي له نصيب إلى حدٍ ما في صياغة الفكرة العامة كاملةً، يجب أن يكون أيضاً ضمن القائمة. وبعد ذلك هناك لعبة “سفاح الرأسمالية” لشركة “وايرد“، والتي تشبه التحليل الاقتصادي لأنموذج تجارة القراصنة الصوماليين.
وثمة لعبة أيضاً “هل يمكنك الفوز بميدالية” من قِبَل الغارديان، تمنح الفرصة لأي شخص بمقارنة أدائه في أربع رياضات أولمبية مع رياضيين متفوقين في دورات أولمبية مختلفة. وهناك أيضاً لعبة “مورال كومبات“، حيث يواجه أوباما رومني في لعبة المناظرة، وذلك من خلال موقع هافينغتون بوست الإلكتروني. وهناك مادة تفاعلية ممتعة توفرها “لعبة إضافية أخرى فقط” على موقع صحيفة نيويورك تايمز. للمهتمين بهذا الأمر، أوصيهم بكتاب نيوزغيمز، صحافة من خلال اللعب.
ماذا يحدث في مجتمع نيوزغيمز الدولي؟
يمكنني القول، إن ألمانيا متأخرة في مجال نيوزغيمز. أنا لا أعرف أية لعبة نيوزغيمز ألمانية جرى تطويرها في السنوات الأخيرة، ولم أسمع أن هناك وسيلة إعلام ألمانية تتناول هذا المجال بتعمق.
ربما سيتغير هذا كله بعد العديد من النشاطات في هذا العام، بفضل تركيز المدرسة الصيفية لمحطة “RTL” على هذا الموضوع. بالإضافة إلى معرض “غيمزكوم“، وفعاليات “سكوبكامب” لهذا العام.
وعلى الصعيد الدولي، فإن الوضع مختلف تماماً، إذ تختبر العديد من وسائل إعلام أمريكية وبريطانية نيوزغيمز منذ عدة سنوات. كان هناك لقاء تشاركي ضخم لمبرمجين “هاكاثون” في مقر صحيفة نيويورك تايمز في شهر نيسان/أبريل. وفي بريطانيا هناك مطورون مثل مجموعة “غيم ذا نيوز“. وتوجد أيضاً مجموعة نيوزغيمز برازيلية. وقد أنجزت صحيفة لوموند الفرنسية نيوزغيمز على سبيل المثال لا الحصر.
ما هي وسائل المعرفة والمهارات التقنية التي يحتاجها الإعلام لتطوير نيوزغيمز؟
يوجد العديد من وسائل الإعلام الحديثة التي تجمع بين المبرمجين وأعضاء فريق التحرير. لإتمام اللعبة أنت بحاجة إلى مصمم ألعاب ليقوم بتطوير هذه الفكرة، ومبرمج يتولى النواحي التقنية، ومصمم لتبدو اللعبة بمظهر جيد. عندما يتعلق الأمر بنيوزغيمز، ينبغي أن يعمل المحرر ومصمم اللعبة معاً على تطوير الفكرة، وذلك بهدف اختيار الآليات الأنسب للعبة.
ما هي المكونات الرئيسة التي يجب أن تكون ضمن اللعبة من أجل أن تحظى بشعبية لدى الجمهور؟
هل من المفترض أن تحظى الصحافة بشعبية؟ في رأيي يجب أن تكون نيوزغيمز جزءاً واسعاً وجيداً من الصحافة التقليدية تُقَدَّم لك برؤى جديدة، وخبرات تعليمية وحيوية. الهدف الرئيسي من نيوزغيمز هو ليس بالضرورة جذب ملايين اللاعبين. حتى وإن تم تنفيذ آلية اللعبة بذكاء، بحيث تدعم الدوافع الذاتية عن طريق المعنى، وتساعد على الإتقان والاستقلالية.
ما هي الأخطاء التقليدية التي ترافق إنتاج نيوزغيمز؟
الدرس الأكثر أهمية هو: أن ليس كل شيء لعبة، ولا يمكن إطلاق مفهوم اللعبة على أي شيء. خطأ شائع آخر هو التقليل من شأن أثر الآلية المناسبة للعبة. الآلية هي الناقل الأساسي للمعنى. بغضّ النظر عن ذلك، فإنه من السهل جداً أن تضيع في مثلث الخطأ المتمثل بالتكلفة والوقت والجودة. إذا كانت اللعبة ذات صلة بأخبار راهنة فإنه لا ينبغي أن يستغرق إنهاؤها شهوراً.
هل سيقدم تطوير الأجهزة الجديدة، مثل “غوغل غلاس“، منظوراً جديداً لنيوزغيمز؟
أنا مقتنع بأن كل شيء يعتمد أو سيعتمد قريباً على التنقل، وذلك بحسب مكان تواجدنا على الأرض. أنا لا أعرف ما إذا كان بإمكان “غوغل غلاس” أن يواكب ذلك في الوقت الحالي. كانت هناك فعلاً عدة محاولات لاستخدام نيوزغيمز في “غوغل غلاس” على الرغم من حداثة هذه الأفكار آنذاك.
الأجهزة المتنقلة أو المحمولة تتيح فرصاً كبيرة للعب بشكل عام. ينتابني فضول كبير لرؤية من الذي سينجح في استغلال هذه الفرص الجديدة. إلى جانب الأجهزة المحمولة هناك المجسات والطائرات بدون طيار تساعد على توفير عدة وسائل لإضافة آليات للعبة، لجعل الأشياء العادية وكأنها، دعنا نقول: تجري.
برأيك ما هو مستقبل نيوزغيمز؟
استخدام الألعاب ينتشر حالياً خارج حدود صناعة الألعاب التقليدية. وبالفعل تستخدم الألعاب والمحاكاة للتدريب والتعليم والتحضير لحروب المستقبل. في حين أن مصطلح “غيميفيكيشن“، (أي استخدام عناصر لعوبة في مضمون لا علاقة له بالألعاب) يرعب المعلنين ورجال الأعمال. أستغرب عندما أسمع أنه ينبغي أن تبقى الصحافة في منأى عن الألعاب بشكل تام.
وعند اعتماد قواعد وأساليب جديدة ومهمة للقيام بصحافة القرن الحادي والعشرين ينبغي على وسائل الإعلام احتضان ألعاب تكون قادرة على توفير خبرات تفاعلية ذات مغزى. أنا متأكد من أننا سوف نرى المزيد من التجارب والأخطاء من أجل إدخال طرق جديدة مذهلة للصحافة في وقت قريب جداً.