More DW Blogs DW.COM

onMedia

الصحافة النوعية في العصر الرقمي

دور شبكات التواصل الاجتماعي في ثورتي مصر وسوريا

مع بدء التحولات التي اجتاحت العالم العربي في نهاية عام 2010 فيما بات يعرف بالربيع العربي، والذي لا تزال تفاعلاته مستمرة حتى الآن، كان لشبكات التواصل الاجتماعي دوراً هاماً في الأحداث، فما مدى الدور الذي لعبته هذه الشبكات في كل من مصر وسوريا؟

لا أحد ينكر دور شبكات التواصل الاجتماعية في دول الربيع العربي، فقد شكلت مواقع مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب حلقة وصل بين ما كان يجري في الشارع من أحداث وبين المعلومات التي يتم تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعية، ومن ثم نقلها إلى وسائل الإعلام العربية والعالمية. وذلك في وقت انهمك فيه الإعلام الرسمي في دول مثل تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا في التقليل من شأن غليان الشارع وتبسيط التحركات الشعبية، وتصويرها على أنها لا تمثل نبض الشارع أو أنها غير موجودة على الأرض أصلاً.

ففي مصر يوجد قرابة 30 مليون مستخدم لشبكة الإنترنت، وأكثر من 12 مليوناً منهم يستخدمون الفيسبوك، أما مستخدمو تويتر فعددهم 800 ألف فقط. ومن هنا يرى الناشط المصري أيمن صلاح أن شبكات التواصل الاجتماعي كانت اختراعاً جيداً بالنسبة للناشطين المصريين.” وكان الناشطون المصريون يتناقلون المعلومات عبر التويتر، وأغلبهم من المدونين. لكن أيمن يرى أن ميزة الفيسبوك أنه كان أكثر انتشاراً في مصر.”

وعن دور شبكات التواصل الاجتماعي في الثورة المصرية يقول أيمن صلاح: “الفيسبوك منحنا فسحة نستطيع التعلم منها، بمعنى: قبل انطلاق الثورة المصرية كان لدي الكثير من الأصدقاء التونسيين. وقد أتاح لنا الفيسبوك حيزاً لتبادل الخبرات، كالتعامل مع الغازات المسيلة للدموع مثلاً أو المدرعات العسكرية. بفضل الفيسبوك انتقلت إلينا هذه المعرفة.” ويضيف أيمن: “دور شبكات التواصل الاجتماعي هو تجميع ما يعرف بالكتلة الحرجة (critical mass). وهذه الكتلة في مصر لم تولد في الخامس والعشرين. ولو أن شبكات التواصل الاجتماعي لم تكن موجودة في مصر لتأخر انتصار الثورة. كان دور الشبكات الاجتماعية تشجيع الحشود، فعندما سمعنا أن الثورة نجحت في تونس تشجعنا نحن المصريين وكذلك الليبيين، بالرغم من أن تاريخنا العربي خالٍ من الثورات.”

وفي السياق ذاته يشرح لنا أيمن كيف طور الناشطون أسلوب التعاون فيما بينهم، لينقلوا صورة ما يحدث إلى العالم الخارجي، فقد كان هناك تعاون بين الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي والناشطين على الأرض، بحيث كان هناك ناشطون على الأرض يرصدون ما يجري على الأرض ويرسلوا الصور والفيديوهات إلى الناشطين على شبكة الإنترنت، الذين ينشرونها بدورهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وكأنهم يقومون بدور وزارة الإعلام من قلب ميدان التحرير. ويضيف أيمن: “كان لمواقع التواصل الاجتماعي دور مهم في تبادل التجارب مع الآخرين، وكل ذلك في سبيل تحقيق هدف واحد.”

من ناحية أخرى فإن من وجهة نظر أيمن أنه يجب أن يكون لدى كل مستخدم إنترنت فلتر وسائل إعلام، أي على الناس أن يتعلموا كيفية استقبال المعلومات، وأن لا نصدق كل ما يقال لنا. على مستهلك الأخبار أن يتعلم كيف يستهلك ويقرأ ويفهم الخبر بطريقة أفضل في ظل غزارة المعلومات، وأن يعرف ما هو مفيد وما هو غير مفيد.”

أما في سوريا، فقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً هاماً، حيث كانت الملاذ الآمن لكثير من الناشطين في بلد تُحظر فيه التجمعات والتظاهرات. دوناتيلا ديلا راتا، تعمل خبيرة في الإعلام العربي وتطويره، وترصد كل ما ينشره الناشطون السوريون على شبكات التواصل الاجتماعي. ومن وجهة نظرها فإن مستخدمي الشبكات الاجتماعية في سوريا يتميزون بالمهارة العالية، فقبل الثورة السورية تكاد تكون النشاطات على الإنترنت معدومة. وعندما لاحظ الناشطون على المواقع الاجتماعية أن هناك تغييراً يحدث في بلدهم ، زادوا من نشاطهم، وأصبح لهم دور مهم من خلال التواصل مع العالم العربي والغربي، بخاصة وأن النظام السوري يمنع دخول الصحافيين العرب والأجانب لتغطية الأحداث في سوريا وإرسال المعلومات والفيديوهات إلى خارج البلاد، وهذا الأمر مهم جداً.”

وفي الوقت ذاته ترى دوناتيلا أن مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت فرصة كبيرة لكي يعبّر الناشطون السوريون عن إبداعهم، وهي تعتبر أن شبكات التواصل الاجتماعي تشهد للمرة الأولى على الصعيد العربي أو الغربي هذا النوع من الإبداع المتميز. فكما تقول: “هناك روح سخرية رائعة، فسكان حمص مثلاً كانوا تحت القصف والقمع، ورغم ذلك كانوا ينشرون عبر المواقع الاجتماعية صوراً وكتابات ساخرة جداً، وربما صفحة الثورة الصينيةالساخرة هي أكبر مثال على ذلك. تحولت مواقع التواصل إلى فسحة لإبراز الإبداع. إنها مواقع تجمع معلومات مرتبطة بالإبداع.”

ولكن دوناتيلا تعيب على الناشطين السوريين تركيزهم على نشرهم على مواقع معينة مثل الفيسبوك، إضافة إلى عدم مخاطبة الغرب بلغة يفهمها، كاللغة الإنجليزية مثلاً، وذلك بسبب عدم إتقان الكثير لها. وهي ترى أن الصحافي الغربي كسول، فهو لا يتكلم اللغة العربية ويفضل التعامل باللغة الإنجليزية. هناك جهل في الغرب لما يحدث في سوريا، أضف إلى ذلك التشويش في المعلومات الواردة عبر مواقع الإنترنت.” وحسب رأيها فإن ما ينقص السوريين هو افتقار مواقعهم على الشبكات الاجتماعية إلى أشخاص يلعبون دور الجسر بين ثقافتين أو لغتين، للتواصل بين الثقافة الغربية والعربية.”

وعن التواصل بين ناشطي مواقع التواصل الاجتماعية والناشطين على الأرض في سوريا، تقول دناتيلا: “في البداية لاحظت أنه ليس هناك تواصل بين ناشطي المواقع الاجتماعية والناشطين على الأرض، فما يحدث في الشارع هو أهم بكثير. ومع مرور الوقت أصبح هناك تواصل بسيط بين الطرفين. وحسب وجهة نظري فإن الثورة موجودة في الشارع، من خلال تواجد بعض ناشطي المواقع الاجتماعية في المظاهرات وتصوير الأحداث ومن ثم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أي أن هناك تواصل إلى حد ما.”

وكانت الصحفية آيرا مارتنس قد قدمت أطروحة الماجستير حول دور الشبكات الاجتماعية في الربيع العربي وأجرينا معها حواراً بهذا الخصوص

Date

نوفمبر 24, 2012

Share