مصر ورحلة البحث عن نظام إعلامي جديد

تسعى مصر إلى إعادة ترتيب أوراقها وبناء نظام ديمقراطي سليم. وبما أن حرية وسائل الإعلام من أهم أسس الدولة الديمقراطية، حضر ممثلون عن عدة مؤسسات إعلامية في مصر بدعوة من أكاديمية دويتشه فيله للاطلاع والتعرف على آليات عمل وسائل الإعلام الألمانية.

تشهد مصر تحولات جذرية منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، فبعد الانتخابات البرلمانية أعلن المجلس العسكري الحاكم عن فتح باب الترشيح للرئاسة، من أجل نقل السلطة إلى هيئة مدنية منتخبة. ومع كل هذا إلا أن المصريين لا زالوا يبحثون في كثير من المجالات عن أنظمة تؤسس لبنية ديمقراطية راسخة. وهذا ما دفع ممثلين عن نقابة الصحفيين ووسائل إعلام مختلفة، إضافة إلي ممثلين عن حزب الحرية والعدالة، الذي فاز بأغلبية مقاعد البرلمان المصري، لتلبية دعوة أكاديمية دويتشه فيله للحضور إلى العاصمة الألمانية برلين “للتعرف على التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام وذلك من خلال لقاء ممثلين عن وسائل الإعلام الألمانية والنقابات الصحافية، خاصة وأن مصر تعيش حالة من النقاش الحاد حول تنظيم وسائل الإعلام واستقلاليتها، وإلى أي مدى يمكن للدولة أن تتدخل.“ حسبما يقول فلوريان فايغند، مدير المشروع والمشرف على الدورة.

وتأتي هذه الزيارة في مرحلة تعيش فيها مصر مرحلة هجوم شديد على وسائل الإعلام، “في ظل محاولات إعادة تفعيل الكثير من القوانين الإعلامية، التي تزيد من القيود على وسائل الإعلام.“ كما تقول عبير سعدي، مسؤولة ملف التدريب في نقابة الصحفيين المصرية. وأكدت سعدي على ضرورة التعرف على الخبرة الواسعة والتجارب الكبير لأكاديمية دويتشه فيله. سواء الإيجابية منها أو السلبية “ليتم اختيار ما يتناسب وواقع الحال في مصر ولتجنب الأخطاء.“

وبما أن ألمانيا الشرقية عاشت مرحلة إعلامية لا تختلف عن الحالة المصرية من حيث العمل الإعلامي والرسالة الإعلامية فقد تمنى إبراهيم منصور، رئيس التحرير التنفيذي “للتحرير” أن يكون هناك “تواصل مع منظمات الصحافة، والمنظمات المهتمة بحرية الرأي في المرحلة القادمة. فنحن بحاجة للخبرات والتجارب خاصة من ألمانيا تحديدا، لأن ألمانيا مرت بمرحلة صعبة من خلال إعلام ألمانيا الشرقية الذي كان بوقا للسلطة الحاكمة، وهذه الحال كانت في مصر، فجزء كبير من الاعلام كان مملوكاً من قبل الدولة والإعلام الخاص كان محكوماً بيد الدولة من خلال منح التراخيص ومراقبته والتدخل لدى أصحاب هذه الوسائل، خاصة وأنها مملوكة من قبل رجال أعمال لهم علاقات خاصة مع رجالات الدولة.“

وأكد إبراهيم على وجود شبه إجماع بين المثقفين والصحفين والكتاب على استخدام النموذج الألماني في مصر، “لكن تطبيقه يواجه عدة معوقات سواء المواجهة مع السلطة الحاكمة أو الجماعات الاسلامية التي حصلت على الأغلبية في البرلمان. فهناك مثلا صراع على كتابة الدستور، فلا يوجد اتفاق على اللجنة التي ستصيغ هذا الدستور، أو من الجهة التي ستختار هذه اللجنة.“

ولاستكمال الخطوات التي بدأها المصريون والألمان سيكون هناك لقاءات تكميلية في القاهرة مع نهاية شهر أبريل/نيسان والمشاركة في ورشة عمل مشتركة من أجل تبادل الخبرات وتعميق النقاش حول النظام الإعلام المصري للخروج بنتائج ايجابية. وستقوم نقابة الصحفيين بدعوة عدد كبير من أعضاء النقابة ومندوبي مؤسسات المجتمع المدني لهذا اللقاء. وطلبت نقابة الصحفيين المصرية من الأكاديمية تقديم دورات تدريب للصحفيين في عدة مجالات، من أجل الاستثمار في الجانب البشري، والذي من خلاله يمكن تطوير القدرات المهنية للصحفيين والعاملين في القطاع الإعلامي وبالتالي النهوض بوسائل الإعلام المصرية. وتأمل النقاية في تعميق التعاون مع الأكاديمية “لتدريب صحفيينا على استخدام عدة وسائل إعلامية خاصة وسائل الوسائط المتعددة أو الإعلام الجديد.“ كما أكدت عبير سعدي.