صحافة الوثائق ومستقبل الصحافة
إزدادت الأهمية في صحافة الوثائق خلال نصف عام. رغم أن هذا الموضوع خاص إلى حد ما، ويعتمد في غالب الأحيان على الرسومات البيانية والوسائط المتعددة. ولكن سيزداد الاهتمام بهذا النوع من الصحافة خلال عام 2011 على أن يصبح فرعاً من أفرع الصحافة الإلكترونية. ويرى لورنز ماتزات بأن على دور النشر والصحف أن تنشط في مجال حيادية النت وحرية الإعلام والوثائق المفتوحة.
صور متتالية وبودكاست وإعادة تعديل أشكال إعلامية مختلفة قديمة. لكن صحافة الوثائق تعتمد على بنك للمعلومات والتفاعلية التي يمكن أن تحدث في مقدم إنترنت أو أبليكيشن. وهذا يوسع الإمكانيات التي تتعدى الرسومات البيانية العادية، فالصحافة التي تعتمد على الوثائق ليست مجرد بحث، بل شكل من أشكال النشر، ويقدم للقراء إمكانية البحث التي تنمحهم الدخول إلى مجموعات كبيرة من الوثائق والبيانات واستخدامها في نفس الوقت في المواد الصحفية المعروفة، المتمثلة بالتقارير والتحليل والخلفيات والريبورتاج. تختلف صحافة الوثائق عن التقارير المنجزة بمساعدة الحاسوب، والتي تعتمد على صفحات التحقيق. وتعني صحافة الوثائق عرض البيانات كما هي على شكل وثائق مكشوفة يمكن قراءتها آليا.
ويمكن اعتبار نشر الكتب اليومية لحرب أفغانستان في يوليو/تموز 2010 بمثابة صحافة الوثائق. وسجلت الغارديان و (NYT) انطلاقة في كيفية نشر الوثائق عبر الإنترنت. وكانت الموجة الثانية بنشر يوميات حرب العراق. واستطاعت كلا الوسيلتين الإعلاميتين توضيح كيفية التعامل مع هذه الوثائق بطريقة شيقة. الأمر الذي لم تستطع حتى وسائل عريقة مثل موقع شبيغل اللحاق بها.
حدود صحافة الوثائق
أظهرت النسخة الثالثة من وثائق ويكيليكس نهاية العام الماضي والتي تضمنت برقيات السفارات حدود صحافة الوثائق. ففي الوقت الذي كانت فيه الوثائق العسكرية واضحة المعالم وسهلة التحضير، كان من الصعب في غالب الأحيان ترتيب الوثائق والمعلومات الدبلوماسية وتوضيحها في النصوص.
ولكن من الواضح أن عدد الوثائق في تزايد والتي ستشكل محور التقارير الإعلامية. وهذا لا يعود على زيادة مواقع الويكي فقط. بل يعود الأمر إلى زديادة الاهتمام من قبل السياسيين والمواطنين على حد سواء بالوثائق المفتوحة والحكومات المفتوحة، (والمقصود هنا الشفافية في تعامل الحكومات أمام المواطنين) في السنوات الأخيرة. ولا بد للصحافة الرزينة التعامل مع هذا الجانب بجدية، خاصة وأن له خصوصيته وميزاته.
الوقت الحقيقي والإفراط بالمحلية
لم تعد الصحافة الالكترونية تعرف انتهاء ساعات الدوام. وازدياد التدوين المباشر أكبر دليل على ذلك. ومن هنا يمكن لصحافة الوثائق الانتعاش لأنها يمكن أن تتحكم بتنقية الزمن الحقيقي في الإنترنت. وتعتبر تويتر وفيسبوك مقياساً لما يجري من أحداث آنية. وتعتمد ياهو على سبيل المثال على الآنية في تقاريرها حول سوق المال.
والأهمية لا تقتصر على الزمن الحقيقي في الإنترنت، بل أيضاً على العالمية وتقنية الإنترنت حيث يتواجد المستخدم. ولكن يمكن للإفارط في المحلية من خلال الدخول إلى بنك المعلومات أو الوثائق من خلال البيانات المكشوفة تقديم قيمة معلوماتية أفضل. خاصة وأنها تتيح مجالاً أوسع لطرق النشر والحديث والأشكال الصحفية.
لكن صحافة الوثائق تواجه مشكلتين أساسيتين. تحتاج إلى جهد كبير وتتطلب تحقيقاً واسعا وإلماماً واسعاً بالكمبيوتر. وهذا يعني قدرة الصحفي على التعامل مع الكمبيوتر ومعرفة بعض مهارات البرمجة. وهذا يعني إيجاد مهنة صحافة الوثائق التي يمكن من خلالها وجود محرر يقود العمل الإلكتروني. ويكون بمثابة حلقة الوصل بين المحررين والمبرمجين ويستطيع إنتاج التقارير حول الوثائق. ولا يتوجب على هذا الشخص أن يقوم بأعمال البرمجة، بل معرفة الإمكانيات التقنية المتاحة والجهد المطلوب. ويُطلب من صحفي الوثائق الإلمام بجميع هذه الأشياء وكذلك التعامل مع مواقع دور النشر.
قلة الشجاعة في دور النشر
المشكلة الأساسية الثانية تتمثل بالنقص في المؤسسات الأهلية في ألمانيا، التي تنتشر بكثرة في الولايات المتحدة، حيث يتم دعم أشكال الصحافة الجديدة، وهذه مشكلة ثقافية تتمثل بقلة شجاعة وإرادة دور النشر وهيئات التحرير لتجريب أشكال صحافية جديدة. بل يتم التعامل مع الصحافة الإلكترونية على غرار الصحف والمجلات. أو أنها تعتمد على نظرية التسويق لشركة أبل وتحليلات صحفية غير شافية لأشخاص مثل روبرت موردوخ أو ماتياس دوبفنر. خاصة وأنهم يعتقدون بأن نجاح الصحافة الإلكترونية يعود إلى مبدأ الدفع والذي يعتمد على مبالغ طائلة. ولكن لماذا لا يتم الاعتماد على مبدأ الدفع البسيط الذي تتبعه شركات إنتاج الألعاب، خاصة وأنها أثبتت أن نجاح خطة الاشتراك المفتوح وبالتالي يمكن أن تنجح ثقافة الاشتراك المفتوح؟ ويمكن لدور النشر الاستفادة من الإمكانيات المتاحة في مجال الإنترنت. ويمكن أن تكون التبعات بكسر سهم حرية وسائل الإعلام والحيادية. لكن ذلك لن يغير شيئا، خاصة وأن شكلاً من أشكال الصحافة يقف أمام تحول كبير. ويمكن للقدرات الدلالية الحل محل الوظائف الصحفية من خلال الأتمتة. ويمكن اعتبار الصحافة حسب الطلب نوعاً من أشكال الصحافة الخوارزمية، وهو أن تقوم البرمجيات بتجهيز التقارير الصحفية على أن يقتصر دور الإنسان على الرقابة. وبدأت الحاجة إلى صحافة الأخبار بالتراجع، خاصة وأن إعادة كتابة النصوص المحكية سيزداد في السنوات القادمة.
أتمتة الصحافة
من لا يؤمن بهذا التنبؤ، لا بد وأن ينظر إلى التطور السريع في إحصائيات الصحافة الرياضية، التي كانت سباقة لصحافة الوثائق. أو كذلك لعب مباراة كرة قدم على الكمبيوتر ومراقبة التعليق الآلي. ومن هنا يمكن تطبيق هذا النوع من التعليق في كثير من القطاعات، التي تملأ الصفحات هذه الأيام. ولكن غالباً ما تكون هذه النصوص مختصرة من قبل وكالات الأنباء. ولذا لماذا لا يكون بإمكان البرمجيات اختصار وحذف بعض الجمل؟
ماذا يبقى إذاً أمام الصحفي الذي لا يعد الريبورتاج أو يكتب مقالات الثقافة أو التحاليل أو التعليقات؟ يمكنه التوجه إلى هذا المجال الذي يوصف هذه الأيام بالوصي. فهو يعتمد على التحقيقات بين الكم الهائل من الوثائق ويكتشف الترابطات ويستخدمها في تطبيقات البيانات. وفي النهاية يكون ذلك بمثابة عودة إلى الفضائل الصحفية التي تعيش الآن مرحلة نهضتها في تجمعات البحث. ومن هنا سيكون عام 2011 عام صحافة الوثائق.
2 تعليق
Aggy | يونيو 7, 2011
Cool! That’s a celevr way of looking at it!
Forever | يونيو 8, 2011
TYVM you’ve soveld all my problems